زمان كان ليا عمة
زمان كان عندي عمة مالهاش نصيب في الجواز، عاشت عمتي كواكب من غير جوز ومن غير حد حواليها. ابتدت تفقد الأمل في الموضوع، واكتفت بشغلها في غيط جدي تساعد أبويا، وتاخد جزء من إيراد الأرض. وياما اتحايلنا عليها تسيب شغل الأرض، وقلنا لها إن الفلوس هتوصلها في معادها عادي، لكنها كانت رافضة تعيش عاطلة. كانت تقول لأبويا: "هعمل إيه بإيديا الناعمين؟ هو أنا ليا مين غير الشغل؟"
كانت تطلع مع شقشقة النهار، وفي إيدها المنديل القماش اللي جواه الجبنة الحادقة وقرنين الفلفل المتخللين وعودين الجرجير وقُلة المياه، وتتوكل على الله. فضلت على ده الحال لحد ما في يوم لقيناها راجعة بطفلة عمرها يومين، ملفوفة في منديل أكلها، وحطاها في حضنها. كل البلد عرفت عن
ولما والدي سألها: "أنتِ ليه مصممة بالقوي كده عليها؟"
ردت وقالت: "دي هتكون عكازي الأمين طول ما أنا عايشة، عكازي اللي عمره ما هيخوني."
عدت السنين، وبدور كبرت وابتدت تجري ورا عمتي كواكب في كل مكان، ومتعرفش غير أن عمتي هي أمها وأبوها. بدور كبرت وبقت عروسة، وعمتي وقتها كانت ابتدت تشيخ وتعجز، وأبويا اتلهى وأنا اتلهيت، وبدور فضلت تحت رجلها تخدمها ليل قبل نهار. يومها اتعلمت حاجات كتير أوي، أولها أن الخير اللي بنقدمه ربنا بيرده أضعاف، واتعلمت أن الإنسانية مالهاش شهادة ولا مدارس، بس ليها قلب كبير أوله السما وآخره كواكب عمتي.
في نهاية المطاف، وقبل ما أودع عمتي كواكب، لقيتها بتضحك بصوت ومبتسمة بكل سرور. فسألتها: "إيه يا عمتي؟ شايفة جدي ولا إيه؟"
مسكت إيدي وقالت: "شايفة نور من هنا لحد السما، يا ولدي." ❤️